لا يزال شِعار التربية الذي اعتمدته الوزارة مؤخراً يُحدث لغطاً كبيراً بين منسوبيها؛ فمنهم من يقول إن الشعار كلف 41 مليوناً!! ومنهم من يقول إن الشعار كلف 300 ألف ريال!! وما بين هذين المبلغين أصابتنا الحيرة والدهشة معاً من تلك الأقوال المتضاربة مما نُشر في الصحف والمواقع الإلكترونية، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي؛ ففي الوقت الذي أصبح فيه العالم اليوم ليس قرية، وإنما حارة، لا نجد أي توضيح من قِبل مسؤولي وزارة التربية بتأييد ما قيل أو نفيه؛ فهل السكوت علامة الرضا يا مسؤولي التربية؟!

عادة يكون شِعار أي وزارة أو أي جهة حكومية أو خاصة معبِّراً، ويرمز لشيء ما، إما لمدينة من مدن البلاد، أو لمنظر من المناظر الطبيعية التي تزخر بها بلادنا - ولله الحمد - أو ما شابه ذلك. بطبيعة الحال، ذلك عادة، ولا يُمنع الخروج عن العادة والمألوف، ولكن بشرط أن يكون متوافقاً مع توجهات هذه البلاد من جهة عدم مخالفته لمبادئ ديننا الحنيف. وعلى افتراض القَطْع بأي مبلغ رقمي مما ذكرتُ آنفاً، ففي اعتقاد كل العقلاء أن كلا الرقمين كبيرٌ جداً في حق شعار عادي، ليس فيه ما يميزه سوى خطوط لا ندري ترمز لماذا؟ هل هي ترمز لرسل السلام المتعلقين بفِرق الكشافة؟ أم تراه يرمز لحمامة السلام؟ وكلا التفسيرين لا يمت للتربية بصلة، فليست التربية أمماً متحدة حتى تتخذ من حمامة السلام شعاراً لها، ولا يمكن أن تُختزل التربية في شعار كشافة؛ إذ التربية أعم وأشمل من كلا التفسيرين، اللذين فسرهما بعض منسوبي ومنسوبات التربية!

إضافة إلى أننا نتمنى من مسؤولي التربية ألا يفوتهم ما يسمى بـ"فقه الأولويات"؛ فإذا ما صح أحد الرقمين المذكورين فهذه كارثة بكل المقاييس؛ فالمفترض أن المبلغ - أياً كان، الأول وهو الأكبر، أو الثاني - أن يوجَّه لإصلاحات المدارس من صيانة وتجهيز أجهزة كمبيوتر وداتا شو "شاشة عرض" واستبدال مكيفات جميع مدارسها في السعودية بنين وبنات بمكيفات مركزية، بدلاً من تلك المكيفات الخربة التي عفا عليها الزمن، ولم تعد صالحة للاستخدام؛ فينبغي الاهتمام بالأولويات، فإذا انتهينا منها بعدها نهتم بالكماليات، هذا إذا كان هناك كماليات أصلاً!!

وختاماً.. نتمنى من المتحدث الرسمي للتربية، الأستاذ محمد بن سعد الدخيني، وهو الإعلامي المعروف سابقاً "في قناة المجد"، أن يظهر ويبيِّن لنا ولوسائل الإعلام المختلفة حقيقة قيمة ذلك الشعار، هل هو واحد من المبلغين المذكورين أم أن ما قيل ـ وقيل تفيد التضعيف! ـ ليس صحيحاً؛ حتى لا نقع بين القيل والقال؟! لأننا اعتدنا أن مسؤولي التربية نادراً جداً ما يعقبون أو يردون على ما يُنشر في الصحف الورقية أو الإلكترونية مع وجود متحدث رسمي! وأعتقد أن الرد وجب في حقكم يا مسؤولي التربية؛ حتى توضحوا الحقيقة بجلاء، إما بالتأييد أو النفي، مع بيان قيمة ذلك الشعار؛ حتى تهدأ نفوس منسوبي التربية! ولأن الرقمين المذكورين كبيران جداً؛ لذلك نريد التوضيح والبيان، وكما قال الفقهاء "لا يجوز تأخير وقت البيان عن الحاجة"، والحاجة وجبت في الرد والتوضيح يا مسؤولي التربية.





http://sabq.org/Fa1aCd