أساطير المعنفات!

تتوارد إلينا قصص المعنفات بين الفينة والأخرى، وما قصة معنفة "الحفاير" عنا ببعيد.

وبالنظر لعدد القصص التي تم تغطيتها إعلامياً وردود الفعل الغاضبة جداً في الشارع السعودي، التي تتدرج من "ليس من حقه فعل ذلك" إلى "لم يعد في السعودية رجال"، ندرك حجم الألم، وقلة الحلول.

جمعية حقوق الإنسان والجمعيات النسوية ماذا قدمت لهؤلاء المعنفات؟ "سكناً-محامياً- تسديد أقساط..."!! هل فعلاً هذا ما تريده المعنفة؟ وكأن الأمور المادية هي ما ستجعل كل المعنفات يعشن بسلام وأمان!!

أعتقد أنه إذا كانت هذه حلولهم فيجب أن نوجِّه المعنفات إلى الجمعيات الخيرية لتسديد هذه التكاليف!

"الإعلام" ودوره المثير في نقل أسطورة خلف أخرى لهؤلاء المعنفات، هل هو جزء من الحل؟ أم جزء من المشكلة؟

وكأني أتخيل مستقبلاً - إذ لم يتم اتخاذ حلول صحيحة - طابوراً طويلاً من المعنفات، وكل معنفة تحمل ورقة فيها قصتها، وورقة فيها رقم الحساب، ويقفن أمام بوابة إحدى الصحف الشهيرة.. حينها هل سيستمر الإعلام بسرد أسطورة خلف أخرى؟؟

هل يتخيل الإعلام الضرر الاجتماعي والنفسي والسياسي والفكري بنشر وتضخيم مثل هذه القصص؟

المعنَّفة لزوج هي في الغالب معنَّفة قبلها لأب وأسرة ومدرسة ومجتمع، أخبرها مرة بعد أخرى بأنها في مرتبة أقل بكثير من الرجل، ومارس عليها سنوات من التحقير والإهانة والازدراء، وحرمها من حقوق كبيرة أو حتى بسيطة، حتى أصبحت متلبسة لهذا الدور، ومؤمنة بأنها مخلوق "على هامش الحياة"، وأيقنت تماماً بأنه ليس لها الحق في السؤال والطلب والاعتراض والاستنكار؛ فأهانها زوجها وحرمها، وكانت "تبتسم"، ثم صرخ فيها وضربها، وكانت أيضاً "تبتسم"!! هل من تعيش بمثل هذه الروح تحتاج إلى "قرشين" أم تحتاج إلى من يعيد تعديل نفسيتها وترتيب أولوياتها وتركيب ثقافتها من جديد؟!

أين دور وزارة الشؤون الاجتماعية وجمعيات الإصلاح والجمعيات النسوية في تثقيف المرأة منذ أن كانت طالبة في المدرسة حتى تُعَدّ لعش الزوجية؟.. هل أخبرتموها كيف تقول "لا"، وكيف تقول "نعم"؟ هل أخبرتموها متى تتحدث ومتى تصمت؟.. يا سادة المرأة المعنفة وصلها من الأخبار الآتي: ادخلي في هذه الزيجة، واجتهدي مع هذا الزوج مرة، ابتسمي ومرة، طبطبي عليه، ولكن في اللحظة التي يحبسك فيها أو يضربك أو حتى يحاول قتلك فقط اتصلي علينا نحن الإعلام والقضاء وجمعيات الحقوق.. سنقاتل حينها بالنيابة عنك!!!!

والعجيب أنه ليس لدينا أبداً زوج معنَّف طبعاً؛ لأن الرجل لن يركض إلى الإعلام "ببساطة" ليقول: زوجتي ضربتني!

دعونا نسأل: ماذا كانت الزوجة المعنفة "تفعل" حين قام الزوج بضربها؟؟

الحكمة تقول: خلف كل حكاية فيها "اعتداء جسدي".. هناك لسان طويل!




http://sabq.org/DZ0aCd