قد يُعتبر العنوان غريباً جداً وليس من المعقول لو حدث؛ فلم نعهد في "بلدنا" أن مسؤولاً أدرك أنه فشل في منصبه ومن ثم خرج ليعتذر عن فشله، ويقدم استقالته، ويفسح المجال لغيره؛ ليصلح ما أفسده، ويقودنا نحو الأمام خطوة بعدما تعثر المسؤول السابق في التقدم.
هي أمنية أن يخرج علينا أحد المسؤولين، ممن شهد الكثير على عدم قدرته على خدمة المجتمع من المكان الذي وُضع فيه، ليعتذر لنا، ويترك المجال لغيره، ويسن في أقرانه سُنَّة حسنة، ويتبعه كثير من الذين طال بقاؤهم على مناصبهم رغم شهادة الكثير بفشلهم وعدم مقدرتهم على تقديم ما ينفع المجتمع.
بل ما يزيد الألم أن مسؤولاً فشل في منصب كان يشغله، ومن ثم أُقيل، وعاد ليستلم منصباً أكبر، حتى صار هو نقطة خلاف مع كثير، ولا يزال إلى الآن يقودنا إلى مكان، باعتقادي ليس هو بر الأمان! ولربما أن السفينة التي يقودنا فيها مخروقة؛ فكثرت حولها المشاكل!!
ليس عيباً أن تفشل، ولكن العيب أن تستمر في الفشل، وتغلق أذنيك عن سماع النصائح، بل ربما سفَّهت من ينصحك ومن يصارحك بأخطائك!
الاستقالة ليست خوفاً ولا جُبناً، بل شجاعة يذكرك الناس بها، ويثنون عليك بعدما اعترفت بالخطأ، وقررت أن تفسح المجال لغيرك لمن ترى أنه أنفع لهذا المنصب وأقدر على قيادته.
اسمعوا لكلام "الشارع" ستجدون أنهم في كل يوم ينتظرون خبر استقالة أو إقالة مسؤول من مكانه وتعيين آخر، لا يهمهم من يكون، ولكنهم وصلوا لمرحلة لا يريدون فيها سوى الخلاص من ذلك المسؤول الذي يرونه غير فعّال في موقعه.
هناك مناصب كثيرة لم نشهد لها تطوُّراً من بداية استلام أصاحبها مناصبهم، بل أصبحت ترجع للوراء حالياً، وأصبحت بالمعنى الشعبي "من جرف لدحديرة". مثل هؤلاء، ألم يكن الأصلح لهم ولنا أن يخرجوا ليعلنوا استقالتهم، ويمنحوا الفرصة لغيرهم ممن لديهم الكفاءة في قيادة تلك المناصب؟!
بلدنا يحتاج إلى الكفاءات المغيَّبة وإلى أشخاص يهمهم التطوير أكثر من الكرسي، ويكون هدفهم القضاء على الفساد الذي أصبح حالياً حديث الشارع؛ فقد أصبح الشارع في كل يوم يفيق على قضية جديدة تحت مفهوم الفساد.
ومضة:-
المكتوب عبارة عن أمنية ليست لي وحدي بل لأجيال كثيرة من كل الفئات في مجتمعي، ينتظرون مسؤولاً يمتلك الشجاعة ليعلنها صريحة بأنه لم يوفَّق في منصبه، ويترك الفرصة لغيره، ويعود لخدمة بلده من منصب آخر يراه مناسباً له، فمتى تتحقق أمانينا؟!
http://sabq.org/9a1aCd