دخلت في يومٍ موقعاً إلكترونياً لا يهتم بشأن خاص, فالموقع عام, وهو خليط بين الأخبار الاجتماعية والثقافية والرياضية وحتى الفنية.
استوقفني لقاء أُجري للفنان (رابح صقر) وهو يتحدث عن ألبومه الغنائي الجديد, وتركز الحديث حول أُغنيته الحديثة: (يا أخي تألم وخل عندك شوي دم!) وكيف أنه كان حريصاً جداً على هذا التنوع في أغانيه, وكذا حرصه على الألحان التي يعشقها الشباب, أو التي تواكب تطورهم, ويضيف الفنان (رابح صقر) أنه يسعى جاهداً في تطوير ما يُسمى التوزيع الموسيقي, فهو يخلط بين – الشرقي والغربي – في بعض الأغاني ليتماشى مع ذوق الشباب, وأنه لم ينس تلك الفئة التي تجاوزت الثلاثين من عمرها من اللحن الخليجي المتعارف عليه, ليُصبح الألبوم يضم (كوكبة) من الألحان التي تناسب مختلف الأعمار!
حتى أنه يقول: في الفيديو كليب, أحرِصُ على اللباس جيداً, حيث لابد أن يكون حديثاً ومواكباً لموضة الشباب, وحتى ترتيب الشعر والقصَات لابد أن تكون شبابية, وبمعنى آخر: كووول.
فكرت في حال هذا الفنان والذي أعلم يقيناً أنه قد تجاوز الستين من عمرِه – أسأل الله له ولنا الهداية – وكيف أنه يتمتع بهذه العقلية (الرائدة), وكيف لهذا الفكر أن يتطور ويتأقلم مع المرحلة التي قد تجاوزته بعشرات الأعوام.. وتذكرت قول باسكال (الرجل أو الشاب ما هو إلا نبات صغير وأقل وأضعف كائن في الطبيعة, ولكنه نبات ذو فكر).
الفنانون بشكل عام, سواء كانوا ممثلين أو مطربين, ليسوا ببعيدين من هذه العقلية (الذهبية) أقصد من حيث التفكير المتطور, ومواكبة الأجيال, ومعرفة ما تحتاجه الأسماع, والعقول, بغض النظر عن الذي يقدمونه من حيث "الحكم الشرعي" في هذه المسألة, لأن الحديث هنا يتمحور حول "تفكير" العالم الفني, وبالأخص الفنان: (رابح صقر) الذي تجاوز الستين من عُمُرِه.
بعدها قررت أن أسأل بعض الشباب الذين يستمعون للأغاني عن الفنان الذي يستهويهم من حيث التنوع ومراعاة المرحلة العُمُرِية, وحرصت على أن تكون أعمارهم ما بين الخامسة عشرة حتى الثلاثين, فكانت 80% من الإجابات تتجه صوب الفنان (رابح صقر) حيث حصل على المركز الأول.. وبلا منافس!.
وبعد السؤال عن الأسباب, جاءت الإجابات- والتي لم أستغرب منها لعلمي السابق بها – أن التطور في الموسيقى والخلط بين الغربي والشرقي كان له النصيب الأكبر, وبعضهم أضاف أن سبب ترشيحه لهذا المطرب الفنان كان لأجل أغانيه السريعة! ونحن في عصر السرعة, والإنسان السريع.
وفي سؤال آخر: ما رأيكم بالفن الشعبي القديم؟ مثلاً: فهد بن سعيد, وعيسى الأحسائي, ومن كان على شاكلتهم؟.
أجاب بعضهم: لا يوجد بيننا وبينهم روابط لا في الفكر ولا الذائقة الفنية, وأجاب البعض الآخر: نستمع لهم بين الفترة والأُخرى, وأردفوا: تغير الزمان, واختلفت الذائقة والوسائل.
الحاصل والناتج من هذا البحث والتقصي, ليس لأجل الفنان (رابح صقر) ولا لحبي لعالم الفن والطرب, وإنما لأجل مقارنة عقلية وتفكير وطموح الوزير عندنا, أو أي إداري صاحب سُلطة, بعقلية رابح صقر, الذين جميعهم قد تخطوا حاجز الستين من العمر.
عقلية وفكر المسؤول في بلدنا اليوم قد توقفت عند مرحلة: ابن سعيد وعيسى الأحسائي, عجلة التطور لم تشملهم, أو بمعنى أصح: عجلة التطور لم تشمل إلا أبناءهم وأقاربهم ومن قاربَ منهم, وإذا جاء الأمر لأبناء البلد عادت العجلة الفكرية التطويرية لعهد "طق اصبع" و"عاش مروس"!.
أقترح على الفنان رابح صقر, وهو لاشك يحرص على الربح والمادة, حيث بلغني أنه يتقاضى في الحفلة الخاصة ما يُقارب الـ 300 ألف ريال, أن يكمل مسيرته في الحرص على أبناء الوطن, ويلتفت إلى الشِيبان من السادة القياديين, ويفتتح مركزاً لتنمية المهارات, وتطوير الذات, ويقدم لهم استشارات لمواكبة تطور العالم, وإرشادات ونصائح للتعامل مع جيل الشباب, ولا مانع أن تقوم الدولة بدفع رسوم هذه الزيارات التثقيفية, وتضعها تحت بند: (تحملتك بما فيه الكفاية!).
يتعين على الفنان رابح صقر أن يُفكر بما سطرت لكم هنا, وحتماً سيجني المال الوفير, ويكسب الأجر العظيم من خلال تلك التوجيهات التي سيُقدمها لهذه الفئة العُمرية, ودعني أُخبرك يا رابح بشيء سيُثلج صدرك: هذا المركز الذي ستقوم عليه سيخطف الأضواء من عيادات مطمئنة, وسيُصيب نجم د. طارق الحبيب الأفول, وحبذا أن يكون شعار المركز ما قاله الكاتب الاسكتلندي توماس كارليل: (اجعل من نفسك نزيهاً وسوف تتأكد من أن عدد الأوغاد في العالم قد نقص واحداً).
السيد المسؤول: نفيدكم أن العالم يتطور ويمضي قُدُماً, وعجلة التنمية والتطوير بلغت عنان السماء.
السيد المسؤول: لقد طرحت شركة " أبل " الإصدار الخامس من أجهزتها المحمولة الذكية وأنت مكانك سر.
السيد المسؤول: قطر المنتمية لدول مجلس التعاون الخليجي ستستضيف كأس العالم 2022 م.
السيد المسؤول: يا أخي تألم وخل عندك شوي دم !!
http://sabq.org/Bd1aCd