سنوات تمرُّ دون أن نرى بارقة أمل لحل مشكلة السكن، والناس يسمعون الكلام تلو الكلام منذ أن كانت الوزارة هيئة. ولكن دعونا نتحدث عن التجارب الناجحة في السكن، ولماذا لا تطبقها وزارة الإسكان بدلاً من الطرق التقليدية التي ستمر الأيام والسنون والوضع يسير بطيئاً بسببها. وأقصد هنا تجربتنا السابقة الناجحة في أن تتبنى الدولة عبر الجهات الحكومية المختصة بناء المساكن، ثم تقوم بتسليمها لمنسوبيها وفق آلية معروفة؛ فهناك إسكان الحرس الوطني في مختلف مدن السعودية، وهناك إسكان لمنسوبي وزارة الدفاع والمدن العسكرية، وهناك إسكان وزارة الداخلية في بعض قطاعاتها، وهناك إسكان موظفي وزارة الخارجية، وهناك إسكان الجامعات ممثلاً الآن في سكن جامعة الملك سعود القديم نسبياً، لكنه نُفّذ بطريقة جيدة ومتميزة، وسكن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وسكن جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وغير ذلك من المساكن المرتبة في مختلف مدن السعودية، التي رغم مرور سنوات طويلة إلا أنها نُفّذت بطريقة جيدة؛ والسبب في ذلك يعود إلى جماعية البناء لا فرديته. واقتراحي لمعالي وزير الإسكان الذي يتفاءل الناس بخطواته هو الابتعاد عن البناء الفردي؛ إذ يبني المواطن أرضه؛ ويقع تحت سيطرة واستغلال مكاتب التخطيط والإشراف الهندسي والمقاولين الذين يتعلمون في رؤوس اليتامى، والعمالة التي تعوث في الأرض فساداً دون رقيب، ومؤسسات بيع مستلزمات البناء من أسمنت وحديد وكهرباء ونجارة وسباكة وتكييف وغير ذلك، ويقابل ذلك عدم وجود خبرة لدى المواطن؛ فيعيش واقعاً مؤلماً، ويتعرض لشتى أنواع النصب والاحتيال، ويكون الفاقد كبيراً مادياً ومعنوياً، ومستوى الإشراف سيئاً؛ فيفاجأ بأخطاء كبيرة وحالات غش مزعجة؛ فتطول مدة بناء المسكن، ويتعرض للتأخير والتعطيل. كما أن بعض المواطنين لا يستفيد من قرض البناء نتيجة سوء التخطيط المالي؛ وتكون الاستفادة من أموال التمويل في غير الأغراض المخصصة لها، كشراء سيارات جديدة أو السفر بعائلته أو تزويج أحد أبنائه، ويبقى المنزل هيكلاً معمارياً دون إنجاز. وأتذكر ما مررت به منذ وقت طويل لبناء منزلي، الذي جاوز ست سنوات، ومعه فاقد كثير لتلاعب العمالة والمؤسسات التي تعمل بالتستر على المخالفات وحالات الغش التي يتعرض لها المواطن. لكن التعاقد مع شركات متخصصة تحت إشراف وزارة الإسكان سيحل ذلك، ويفضل مع حكومات لها تجربة، وتكون معنية بمتابعة شركاتها، وخصوصاً أن هناك دولاً لها تجربة متميزة في حل مشكلة السكن، مثل كوريا والصين وألمانيا وإيرلندا وتركيا، وغيرها.. وهنا تُسلّم الأرض والقرض للمواطن، وتتولى وزارة الإسكان المساعدة في نماذج وخيارات عدة حسب ظروف ومتطلبات كل أسرة، وتقوم هذه الشركات بالبناء الجماعي وفق التجارب السابقة التي عايشناها في مساكن جماعية عدة، وأتذكر منها سكن كلية الملك خالد العسكرية التي عملت بها سنوات عدة، وكان السكن مجهزاً بالخدمات، وتم بناؤه وفق أنظمة البناء المعروفة. كما سيوفر هذا الأسلوب الوقت والجهد والمال، ويحقق الغرض الذي يريده الملك الفارس عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير النبيل سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - في توفير السكن المناسب. فعندما تريد أن تشتري مكيفاً أو باباً أو تجهيزات مطبخ أو مواد عزل أو أدوات كهربائية أو سباكة فإن قيمتها مفردة ستكون غالية جداً قياساً بالشراء الجماعي، وكذلك ضبط المواصفات والإشراف والمتابعة، وبهذا يمكن مساعدة المواطن في شيء يجهله، ولا يفترض تخصصه فيه؛ وبالتالي إنجاز مشروع الإسكان بتكلفة أقل، وبمواصفات أفضل، وبسرعة أكثر.
http://sabq.org/Hj1aCd