قوة لا مثيل لها على وجه الأرض، وسر من الأسرار الإلهية التي وهبها الله للأمهات. المؤسف أنهن يُفرّطن فيها، ولا يُلقين لها بالاً!! ولا أدري كيف يمكن للأم أن تفرط في قوة، تستطيع - بعون الله - من خلالها أن تحفز مناعة طفلها ونماءه، بل تساعده في الحد من الإصابة ببعض الأمراض المزمنة.
صدر مؤخراً لمؤسسة "احموا الأطفال" الخيرية البريطانية تقرير، أشار إلى أنه يمكن الحد عالمياً من 830.000 وفاة سنوياً من خلال انتظام الطفل في تناول حليب الأم خلال الساعة الأولى من ولادته، وهو الحليب المسمى بـ"اللبا".
وتكمن قوة "الساعة الأولى" في كون هذا "اللبا" غنياً جداً بالمغذيات والمضادات الطبيعية التي تساعد في تحفيز جهاز المناعة في جسم الطفل، وتطلق فيه قدرته على مواجهة الالتهابات والأمراض المعدية، ومنها الإسهال والالتهاب الرئوي لدى الأطفال الرضع؛ حيث يُعدان من أهم أسباب الوفيات في هذه الفئة العمرية عالمياً.
وبطبيعة الحال، فالقوة هذه لن تنتهي بنهاية مادة اللبا؛ فمنظمة الصحة العالمية تطالب بأن تستمر الأم في الرضاعة الطبيعية لمدة ستة أشهر كاملة دون إدخال أي أغذية أو سوائل أخرى، ثم يأتي بعد ذلك إمكانية إدخال أطعمة تكميلية آمنة وصحية، ولكن مع استمرار الرضاعة الطبيعية لمدة سنتين فأكثر.
ويمكن القول إن حليب الأم سرٌّ من أسرار الحفاظ على صحة الطفل ونمائه، ويظل تأثيره معه حتى البلوغ؛ فقد أوضحت العديد من الدراسات أن حفاظ الأم على الرضاعة الطبيعية لطفلها يرتبط بانخفاض في إصابة الأطفال بزيادة الوزن والسمنة والربو وداء السكري، كما تقل لديهم الإصابة بالالتهابات وأمراض القلب الوعائية وارتفاع ضغط الدم والكولسترول مقارنة بغيرهم. وهنا يكمن سر الحكمة الفطرية لأمهاتنا وجداتنا في إلحاحهن على الرضاعة الطبيعية، رحم الله الأموات منهن والأحياء.
بل أزيدكم من الشعر أبياتاً حول قوة الرضاعة الطبيعية!! فقد أشار تقرير مؤسسة "احموا أطفالكم" إلى ارتفاع مستوى النماء المعرفي لدى أطفال الرضاعة الطبيعية مقارنة بغيرهم، فضلاً عن الفوائد الصحية العديدة على الأم؛ فالتقرير ينص على أن الرضاعة الطبيعية تساعد الأم على إفراز هرمون "الأوكسيتوسن" المحفِّز لإفراز الحليب، فضلاً عن وظيفته في إحداث تقلصات في الرحم تُحِدّ من نزيف ما بعد الولادة، كما أن الرضاعة الطبيعية المنتظمة تُعدّ وسيلة لمنع الحَمل "رغم عدم مأمونيتها بشكل كامل"، إضافة إلى أن عملية الإرضاع تحرق ما يصل إلى 500 سعرة حرارية يومياً؛ وبالتالي تُسهم في تخفيض الوزن.
كما يشير التقرير إلى أن الرضاعة الطبيعية - وعلى المدى البعيد - قد تكون عاملاً مساعداً للحد من الإصابة بسرطانَيْ الثدي والمبيض.
بعد ذلك كله، هل ستستمرين أيتها الأم في التفريط في هذه القوة المباركة والسر الإلهي؟.. وهل ستحرمين نفسك وطفلك منها ومن فوائدها بقية عمره؟!!..
الرضاعة الطبيعية استثمار طويل الأجل في صحة أبنائنا.
http://sabq.org/Ze1aCd