هل فكرت يوماً في أنك قد تتناول مشروباً غازياً يحتوي على مادة مضادة للاشتعال، تُستخدَم في المفارش والسجاد وقطع الأثاث وأيضا البلاستيك، بل في بعض أنواع المبيدات الحشرية؟!!
مهلاً.. فهذا ليس بحديثٍ من نسج الخيال أو المبالغات!! فقد أعلنت شركة بيبسي، قبل بضعة أيام، أنها ستُوقف استخدام مادة "بي في أو" (Brominated Vegetable Oil) المضادة للاشتعال في مشروب الجاتوريد في الولايات المتحدة، وهو مشروبٌ متوافرٌ بكمياتٍ محدودة في السعودية. وهذه المادة محظورٌ استخدامُها في الاتحاد الأوروبي واليابان وكذلك الهند. أما هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، فقد سمحت باستخدامٍ "مؤقت" لهذه المادة، ووفق شروطٍ معينة، وذلك منذ 30 سنة وحتى الآن!!
وأشارت شركة بيبسي إلى أن هذا الإجراء لا يستند إلى اكتشاف أيِّ ضررٍ على الصحة أو السلامة، خصوصاً أن هيئة الغذاء الدواء الأمريكية تسمح باستخدامه وفق معايير محددة!!
وفي المقابل، تثير مادة "بي في أو" (BVO)، الكثير من الجدل حول تأثيرها في الصحة، فالتجارب الحيوانية تشير إلى أن تناول كمياتٍ كبيرةٍ منها يؤدي إلى تراكمها في الجسم، وقد تُسبّب اضطراباتٍ في الخصوبة، وتأثيراً في هرمون الغدة الدرقية والسلوك، ويُعتقد أنها تؤدي إلى اضطراباتٍ عصبيةٍ ومشكلاتٍ جلدية، وفقدانٍ بالذاكرة عند تناولها بكمياتٍ كبيرة.
علماً بأن المادة مازالت تُستخدَم في مشروبَي الماونتن ديو لشركة بيبسي وفانتا لشركة كوكا كولا في السوق الأمريكية. وتضاف هذه المادة إلى بعض المشروبات كونها تساعد على إذابة المواد "المنكّهة" في مكونات المشروب، ومنع تجمعها على سطحه.
والسؤال هنا: هل هذه المادة تُستخدَم في المشروبات الغازية في المملكة؟ وإذا كانت تُستخدَم فما موقف هيئة الغذاء والدواء السعودية تجاهها؟ وما موقف شركات المشروبات الغازية؟ وهل ستوقف استخدامها أم لا؟ أما السؤال الأكبر والأهم هنا، فإلى متى يظل المجتمع السعودي مفرطاً في تناول هذه المشروبات الغازية الغنية بالسعرات الحرارية الخاوية؟ التي أثبت العلم بشكلٍ واضحٍ أن لها دوراً كبيراً في زيادة الوزن والسمنة التي تُعد بوابةً الولوج إلى أمراض القلب وتصلُّب الشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكري وغيرها؟ ومتى نَعيّ تماماً في مجتمعنا ضررها، والعمل على تجنبها، أو على الأقل تناولها في أضيق الحدود؟ وإلى متى يظل الكثير منا يُمَتّع أبناءه بمشروباتٍ ظاهرها من قِبلهم فيه المتعة وباطنها فيه المرض؟!!
دعوني أزيدكم من الشعر أبياتاً!!.. تشير بعض الأبحاث إلى احتمالية علاقة تلك المشروبات بهشاشة العظام، والتأثير في خلايا الكلى والقلب والعضلات والجلد مما قد يُسرِّع عمليات الشيخوخة في الجسم.. هذا عوضاً عن تأثيرها في الأسنان والإصابة بالتسوس، واحتوائها على مضافاتٍ يُعتقد أن لها دوراً في اضطراب فرط الحركة والتشتت لدى الأطفال. فهل نعي الدرس؟!!
رؤية بمقدار 359°
في كثير من الأحيان آسفُ كثيراً على مؤسساتنا الإعلامية التي لا تضع الأخبار الصحية في مقدمة أولوياتها، في حين تتراقص طرباً على أخبار الحسناوات والفنانات!!
كما يحاول عديدٌ من تلك المؤسسات الإعلامية تجاوز بعض المعلومات الحسّاسة المتعلقة بشركات الأغذية والأطعمة العالمية إما لعدم المبالاة أو خوفاً على مصالحها التجارية!!
لي وقفةٌ قادمةٌ حول ذلك واكتشاف أطعمةٍ مخلوطةٍ بلحوم أحصنة وخنازير في سلسلة مطاعم برجر كنج ببريطانيا.
دمتم - ومَن تحبون - بصحةٍ ومعافاة.
http://sabq.org/5d1aCd