تقول أخصائية في علم النفس: "إن جيل اليوم أكثر ذكاءً، وأقلُّ طاعة!". طبعاً هي قارنت جيل اليوم مع جيل الأمس، وذلك لا يعني بالضرورة أن جيل الأمس لم يكن ذكياً، وإنما الفارق بين الجيلَيْن أن الجيل السابق كان أكثر طاعةً من هذا الجيل، وقد يكونون أقل ذكاء، وذلك مرده للفوارق بين الجيلين، التي تصب في مصلحة الجيل الثاني، جيل الانفتاح المعلوماتي الهائل، والجيل التقني والرقمي، الذي يزداد تقدماً يوماً بعد آخر؛ الأمر الذي رجَّح كفة الأكثرية في الذكاء لهم، غير أن طاعتهم لوالديهم ولمن يقومون بتربيتهم كدور التربية والتعليم قلَّت كثيراً عن السابق!!
جيل اليوم لم يعودوا صِغاراً كما كان جيل الأمس، بل قدرهم أنهم وُلدوا كِباراً؛ فلا تستغرب حينما يكون ابنك أو ابنتك في سِنّ أقل من سِنّ المدرسة، ويكونون على دراية ببعض الأمور الأُسرية، أو ببعض الأمور التي يظن الوالدان أنهم لا يدركونها، ولكنهم يدركونها، ويجب أن نتوقع منهم غرائب وعجائب كلما كبروا من حولنا! فيجب التعامل معهم بحذر، شِدة في غير قسوة، ولين في غير ضَعْف؛ حتى ينشؤوا التنشئة السليمة التي نريدها لهم. يقول الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه: "لا تُقسروا أولادكم على آدابكم؛ فإنهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم". وإذا استشهدنا بالفِكر الإسلامي فهو يدعو للنظر والاعتبار والتعامل مع الأبناء ضِمن الأُسس والقيم السليمة، وحَذَّرَ الآباء، ومنعهم من سوء التعامل مع أبنائهم، الذي يجرُّ – عادةً - إلى التمرد والعِصيان، ويؤدي حتماً إلى العقوق! ولقد فرَّق الفِكر الإسلامي بين بر الوالدين والطاعةِ لهما، وفرَّق بين التوجيه والإرشاد والتربية، وبين فرض الإرادة على الأبناء، والإملاء عليهم، وما يحدث من تحول فارق في الوضع الاجتماعي بين الجيلين؛ كل ذلك من أجل تحصين الجيل الجديد من الدخول في دائرة "التمرد"، الذي تعانيه الأُسر والدول والمجتمعات اليوم، وما يقابله من الفَهم المخالف للمنهج الإسلامي في التعامل مع التمرد!!
وخِتاماً.. نتمنى من المُربين والآباء وكل من له صِلة أن يترك قاعدة "من راءك صغيراً احتقركَ كبيراً!"؛ فأطفال اليوم هم رجال الغَد، وكلنا كُنَّا أطفالاً، ولم نولد رجالاً؛ لذلك يجب أن نعترف بأن الزمن تغير، ويجب أن نتعامل مع أبنائنا وبناتنا بما يتناسب مع زمانهم، من غير إفراطٍ، ولا تفريط، ولاسيما وهم على مقاعد الاختبارات الآن، وفقهم الله، وسدد خُطاهم.
http://sabq.org/Jb1aCd