كلنا نذكر حادثة مقتل المعلم فايز الشنبري الشريف داخل المدرسة التي يعمل بها وبين طلابه قبل سنتين، وهي مدرسة أبي زيد الأنصاري المتوسطة والثانوية لتحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة، تلك الحادثة التي اهتز لها المجتمع بأكمله، وليس المجتمع المكي أو التربوي فحسب!!
طالما أن مدارسنا مشرعة الأبواب فمن الطبيعي أن يدخل أي شخص مجرم، معتوه، صاحي، مريض نفسي.. قل ما شئت..!! لكي يعبث بأرواح أناس أبرياء من طلاب ومعلمين وإداريين وكل منسوبي المدرسة، طالما هي تفتقر للحراسة الأمنية، التي تحمي تلك الأرواح من عبث العابثين، فلم يعد من الترف أن تلزم وزارة التربية إدارات التربية والتعليم بتعيين حراسات أمنية بها، والغريب أن إدارات التربية والتعليم تعج بموظفي الأمن بها..!! فهل أرواح مسؤولي الإدارات ومنسوبيها أغلى من أرواح المعلمين والطلاب ومنسوبي المدارس؟!! سؤال أضعه على طاولة الغيورين من مسؤولي التربية في بلادي أياً كانت مناصبهم، وكثير ما هم..!!
وبنظرة سريعة على كثير من مدارس البنين، على مختلف مراحلها، تجد أنها لم تُوفَّر لبعضها حارس للمدرسة، فضلاً عن تعيين حراسة أمنية على الأقل في أوقات الدوام؛ الأمر الذي يشكل عبئاً كبيراً على مديري المدارس في تفقدهم لحال المدرسة في الليل والنهار، وخلال الإجازات!! فهل تعجز إدارات التربية والتعليم ـ وأنا أخص إدارة التربية والتعليم بمكة هنا ـ عن أن توفر حارساً للمدرسة؟! بصراحة، نستغرب من عدم المبالاة من بعض مسؤولي إدارات التربية والتعليم بعدم الجدية في هذا الأمر خاصة، فهل ينتظرون حادثة أخرى تتكرر مثل التي حدثت للمعلم الأستاذ فايز الشنبري رحمة الله عليه؟! فهل قدرنا ألا نتحرك إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس؟! لماذا لا نستشعر المسؤولية والأمانة التي حمَّلنا إياها ولي الأمر؟! ولماذا إدارات التربية تعج بموظفي الأمن في كل ركن وزاوية منها حماية لهم وللمبنى في الليل والنهار، بينما دور العلم تُترك مهملة؟! أرجو أن نعيد النظر، وأن نستشعر تلك الأمانة، ولنتقِ الله تعالى، ونعمل على توفير حراساً لكل مدرسة بالليل والنهار، إضافة إلى الحراسة الأمنية في أوقات الدوام؛ حتى لا نسمح لضعاف النفوس بالعبث بأرواح بريئة، ليست لها ذنب إلا أنها أرادت أن تُعلِّم "أبناءنا الطلاب"؛ فهم أناس يقومون على تربة أبنائنا، ويشرفون عليهم طوال اليوم الدراسي، فهل كثير عليهم أن نحمي أرواحهم من عبث العابثين؟!
وختاماً.. يا مسؤولي التربية والتعليم، ويا مسؤولي إدارات التربية، ألم يأن الأوان أن تستشعروا ذلك الخطر الذي يهدد الملايين من منسوبي المدارس من معلمين وطلاب وإداريين بضرورة حمايتهم - بعد الله تعالى - بتوفير حراسة دائمة للمدرسة في الليل والنهار، تتمثل في تعيين حارس رسمي بالمدرسة، وحراسة أمنية من شخصين على الأقل لكل مدرسة خلال أوقات الدوام؟ ولنتذكر الحديث النبوي الشريف "لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين"، أو كما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
مدارس كثيرة بمكة للبنين وربما في مدن أخرى دون حراسة، فضلاً عن حراسة أمنية! وعلى سبيل المثال لا الحصر ثانوية "قباء" بمكة منذ إنشائها في عام 1428هـ وهي دون حارس حتى الآن، فهل هذا يعقل يا مسؤولي التربية أن تُترك منذ خمس سنوات دون حراسة؟! على الرغم من طلب مديريها المتكرر أكثر من مرة من مسؤولي إدارة تعليم مكة، ولا من مجيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله حينما لا نتحرك إلا بعد أن تقع الكارثة، والله يصلح الحال والمآل..!!
http://sabq.org/nY0aCd