نعيش هذه الأيام حمى الاختبارات، وهذه الحمى نحن السبب الرئيسي فيها؛ فبعضنا ليس لديه أبسط أبجديات التخطيط؛ لذا تجد حياته كلها أزمات، وتجده طوال حياته يتصرف وفق مبدأ إدارة الأزمات.
لا تخطيط، ولا ترتيب، ولا أولويات تعرف طريقاً إلى قاموس حياته؛ فتجد كل أفعاله ردود أفعال في حقيقتها، وليست أفعالاً؛ فالظروف هي التي تحكم حياته، وتسيرها؛ لذا تجده دائماً في أزمة، يحتاج بسببها للآخرين كي يساعدوه.
أما البعض الآخر فتجد حياته منظمة، تسير وفق "استراتيجية"، رسمها وسار عليها، وعاش في راحة بال بعد توفيق الله.
وهذا يظهر أثره على أبنائنا الطلاب في هذه الأيام؛ فالذي سار على نهج الصنف الأول تجد أن فترة الاختبارات لديه مأساة، ينتظر الفرج بالخلاص منها.
وأما من سار على نهج الصنف الثاني فتجد أن الأمور تسير لديه بكل سلاسة وهدوء ويُسر.
فالطالب في هذه الأيام محط أنظار كل المجتمع بكل فئاته وطوائفه؛ فأصحاب الفكر النير والخير والصلاح يوجهون أقلامهم وألسنتهم ومنابرهم لتوجيه النشء وإرشاده لما فيه خير الأمة وصلاحها، ولما يعود على هذا الطالب بالنفع والفائدة، ولما يدله على الطريقة المثلى للتعامل مع الأمور، وينيرون له الطريق المؤدية لبر الأمان.
أما الفئة الأخرى فهي الخطر المحدق الذي يحيط بابنك عزيزي ولي الأمر، وهي السم الزعاف الذي ينتظره، وهم زبانية الطريق المؤدية إلى الويل والهلاك والثبور وشر الدنيا والآخرة والعياذ بالله. ويمكن تقسيم هذه الفئة إلى أربعة أصناف رئيسية، كل صنف أخطر من الآخر وأشد تربصاً بأفلاذ أكبادنا؛ فهم ينتظرون هذه الأيام بفارغ الصبر، ويخططون لها طوال العام؛ لأنها موسم الصيد بالنسبة لهم واقتناص الفريسة بكل يسر وسهولة، بخاصة إذا كنت من النوع الذي تسيره الحياة وفق هواها.
وأصناف هذه الفئة كالآتي:
?- تجار المخدرات.
?- المفحطون.
?-"الشاذون" أجلكم الله.
?- أصحاب الفكر الضال.
كل هؤلاء ينشطون هذه الأيام؛ فهي موسم الصيد بالنسبة لهم ـ قاتلهم الله ـ فتجدهم دائماً يحومون حول المدارس في أيام الاختبارات؛ للبحث عن الطلاب الذين لا يحضر أهلهم لأخذهم في الوقت المناسب، فيدخلون للطالب من مداخل ظاهرها الخير والبحث عن مصلحة الطالب ومساعدته، وفتح آفاق النجاح أمامه بكل يسر وسهولة، وتقديم التسلية والترفيه له من باب آخر، والترويح عنه وإزالة هموم الاختبارات ورهبتها من باب ثالث.. إلخ.
ولديهم من الأساليب والحيل الشيء الكثير لجذب الطالب واستدراجه؛ لذا يجب علينا جميعاً التنبه لهم ومحاربتهم والتحذير منهم وتعرية نواياهم وأهدافهم أمام المجتمع؛ كي يحذرهم، ويدفع خطرهم عن أبنائنا الطلاب.
ومسؤولية محاربتهم تقع على عاتق الجميع دون استثناء؛ فكل فرد في هذا المجتمع عليه محاربتهم والوقوف في وجه أطماعهم ودحر نواياهم، وهزيمة جيش فسادهم وخبثهم.
همسة قبل الرحيل:
عزيزي ولي الأمر.. تساهُلنا في بعض الأمور يؤدي إلى عواقب وخيمة، ندفع ثمنها غالياً طوال العمر، وضحيتها فلذة كبدك، لا قدر الله.
لذا احرص على ابنك في هذه الأيام، وتأكد من أوقات انصرافه؛ فهي موضحة في جدول الاختبارات، ولا تستهن بالدقائق التي يقضيها الابن بانتظار قدومك؛ فالمصيبة - لا قدر الله - تحدث في ثانية، بل احرص على الوجود قبل موعد خروجه.
وأنت بُني انتبه لنفسك ـ حماك الله ـ فلا تدع لهم طريقاً إليك، واعمل على سد جميع المنافذ في وجه كل الأصناف السابقة؛ فلا تأخذ من أحد أي قرص دواء حتى وإن كنت تعرفه، ولا تركب مع أحد حتى لو كان صديقك، ولا تسمع لمن يحاول جذبك تجاه فكر مشوش ولو أغراك بمال قارون؛ فالضحية في النهاية أنت، حماك الله.
ختاماً.. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحمي أبناءنا من كل مكروه، ويقيهم عثرات الطريق، ويوفقهم، ويسهل لهم سبل الخير والنجاح، وأن يدحر كيد كل من أراد بهم سوءاً، وأن يجعل كيده في نحره.
http://sabq.org/vj1aCd