بعد أن مرَّ الربيع العربي لطيفاً وبارداً على الأجواء "السياسية" لدول الجوار يبدو أنه سيُلقي بظلاله على أجوائنا "الإعلامية"؛ فالنقل الصحفي المتكرر لوقائع محاكمة القحطاني والحامد خلال الأيام الماضية في صحيفة "سبق" هو أول بادرة إعلامية حقيقية لما يسمى بظاهرة "الشفافية" والحرية الصحفية في النقل الحقيقي بدقة، وإلا فإن الأخبار والتحقيقات كلها في صحافتنا منذ عقود حتى يومنا هذا في الصحف الورقية والإلكترونية، الرسمية منها وغير الرسمية، لم تكن سوى أخبار "خفيفة" أو "منقولة" أو "مسموح بها في الإطار السياسي"، ولم تشكل - بكل أسف - سوى إعلام هش، مهمته "تغطية" الخبر أكثر من "كشفه" للقارئ.
إن دراسة أولية على هذا الطرح الجديد، الذي بزت "سبق" به نظيراتها في الصحف الأخرى، يكشف وعياً حقيقياً بخطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية والإسلامية، وضرورة كشف الأوراق كلها أمام المتلقي؛ فلم يعد هناك ما يُخبَّأ أو يُتوقَّع أن يخفى عن الناس، وطرح كل المخاوف السابقة من أن إظهار مثل هذه المعلومات والأخبار قد يسبب فتنة بين الناس أو قلاقل في البلد؛ فكشف الحقائق أمام الجميع والتعامل معها بمنظار المسؤولية والوعي هو التعامل الأمثل في مثل هذه الظروف الدقيقة على مجتمعنا.
لقد أضحى أسلوب الوصاية على ما يقرأ الناس وما لا يقرأ أمراً عتيقاً، غاية في السوء؛ حيث أصبح بإمكان أي شخص في هذا البلد أن يقرأ المعلومة التي يريدها متى أرادها في لحظات، بل أضحى كبار المشاهير والمفكرين والدعاة والإعلاميين متابَعين من قِبل الآلاف، وقد يتجاوز أحدهم "مليونَيْ" متابع، وهو رقم لو حاولت كل الصحف الورقية الوصول إلى نصفه لما استطاعت، ولو بعد مائة عام.
إن خوض صحيفة "سبق" في ملفات شائكة كجمعية حسم، وقضية المعتقلين السياسيين، ونقد قصيدة "هبوب"، لهو فتحٌ إعلامي جديد، يجب أن يُحتفى ويُشاد به؛ لأنه يدشِّن لمرحلة جديدة من الإعلام الحُرّ والنزيه، بعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى من القنوط من إصلاح صحافتنا السعودية.
فهل تتحرك بقية صحفنا باتجاه هذا الربيع؟!




http://sabq.org/5c1aCd