لم تعد تنطلي علينا اللعبة التي تلعبها هذه الدول لتفكيك العرب، ولفرض الهيمنة على المنطقة والسيطرة على ثرواتها. كان الجميع يصدق أن هناك عداء بين إيران من جانب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من جانب آخر، خاصة بعد أن قامت إيران بإقامة مصانع للسلاح النووي، وبدأت لعبة الضحك على الذقون بنشر أكاذيب تقول إن أمريكا ستقوم بضرب مواقع المفاعل النووي الإيراني، ثم تراجعت بعد ذلك لإعطاء دور لحليفها الأساسي في المنطقة "إسرائيل"؛ لتُعلن هي أيضاً أنها ستقوم بضربة عسكرية له حتى لو كان ذلك بمفردها، ثم تخلى الصديقان عن كل ذلك، وقاما مع بقية الدول الأوروبية وغيرها بتطبيق عقوبات على طهران، وفي كل يوم يدعون أن العقوبات ستؤتي ثمارها، وستتراجع إيران عن تخصيب اليورانيوم، ولكن كل هذه التحركات الكاذبة لم تزد إيران إلا تمسكاً بتنفيذ ما تُخطّط له، والذي ما يعجبه يشرب من البحر - حسب ما صرح به مسؤولوها - لأنها مطمئنة بأنه لن يُنفّذ أي تهديد عليها، وأن ما يتم إعلانه من عداء بين الدول الثلاث ليس إلا لطمأنة العرب عامة، ودول الجوار لإيران خاصة.
فإيران لها في كل قضية في العالم العربي دور؛ فها هي في سوريا تقاوم الشعب، وتتحدث باسم الحكومة السورية، وتسيّرها على ما تريد، وفي لبنان أعلن حليفها حسن نصر الله الولاء لإيران أكثر من مرة، وهو الذراع التي تبطش بها في كل مكان، وفي العراق تسير الحكومة هناك وفق ما يمليه عليها قادة إيران، وفي اليمن تحاول زعزعة أمنه واستقراره بمساعدة الحوثيين ومدهم بالسلاح، وهذا لم يعد خافياً على أحد؛ فقد أعلنه الرئيس اليمني صراحة، وحذر إيران من مواصلة هذه السياسة نحو بلده، وفي البحرين كادت تلغي كل ما هو عربي وتجعله فارسياً، لولا تدخل قوات درع الجزيرة الذي قضى على الفتنة هناك، والكويت كذلك لم تسلم من أذاها، وهي تحتل جزر الإمارات وتدعي أنها تابعة لها، وهنا في بلادنا بلاد الحرمين الشريفين ينأى حكامها بأنفسهم دائماً وأبداً عن الدخول في مهاترات معها، ليس ضَعفاً ولكن رغبة في عدم زيادة تفكك العالم الإسلامي وزعزعة أمنه.
لقد أعلنت أمريكا قبل أيام أنها تريد التفاوض المباشر مع إيران، وقد رحبت إيران بهذا الطلب مباشرة، في حين أنهما كانا في السابق يرفضان أي مفاوضات مباشرة بين الجانبين بحكم العداوة المعلنة، وستنتهي المشكلة، وستعود الأمور إلى رضا الطرفين عن بعضهما، ولو أنه موجود مسبقاً، كما أن سكوت أمريكا عن التدخل الإيراني في سوريا وما يحدث من قتل للشعب السوري وتنكيل به لهو أكبر دليل على أن ما يدور خلف الكواليس غير ما هو معلن عنه.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يعي أبناء يعرب ما يدور حولهم، ويعرفون العدو من الصديق؟؟ وهل بقي من التفكك العربي شيء يمكن لهم لملمته؟ أتمنى ذلك.
http://sabq.org/Td1aCd