كواعب الشورى

لم يختلف المسلمون بشأن المرأة على مر التاريخ مثلما اختلفنا نحن، وكأن المرأة اختراع غربي حديث من مفرزات "الطفرة" مثل الفيديو والدش والجوال "أبو كاميرا"، تلك الأجهزة التي تطاحنَّا عليها وأضعنا عليها عمراً قبل أن نكتشف أن فوائدها أكثر من مضارها، ومن العجائب أن نظرتنا "جميعاً" وأكررها "جميعاً" للمرأة تختلف باختلاف الزمان والمكان، فلا أحد منا يرفض أن "يكشف عن ساقيه" لتقوم سيدة، جميلة كانت أو "جيكره" بإعطائه حقنة في "العضل"، كما لا يمكن لأحدنا "كائناً من كان" أن يرد فنجان القهوة أو الشاي المقدّم من مضيفة "جميلة طبعاً" على ارتفاع 35 ألف قدم، ونقابل ذلك في الحالين بابتسامة عريضة لا تخلو من "التميلح"، وشكر متبوع بـكلمة "سستر" وهو مصطلح "ماركة" سعودية مسجلة، وفي الوقت الذي اتفقنا فيه على التعامل مع هذا "المخلوق" واحترامه "ولو شكلياً" على هذا الارتفاع الشاهق، فقد اختلفنا في ذلك على الأرض.


هذا الاختلاف بالتأكيد سيأخذ طريقه لمجلس الشورى، فأعضاء المجلس "منا وفينا" وقد "بَخصْنا" العديد منهم أيام كانوا في مناصبهم وعاصرنا بيروقراطيتهم المقيتة لسنوات، وللكثير منهم رأيه المعروف في المرأة، ولا أعتقد أنه وبعد هذا العمر الطويل سيتمكن من تغيير نفسه ومعاملة المرأة كما يعامل المضيفة أو الممرضة، ومن ضمنهم معالي الرئيس فمحاكمنا في عهده وإلى اليوم لا تعترف بالهوية الوطنية للمرأة وتشترط حضور رجلين لتعريفها، ولا أعرف إذا كان هذا سيطبق في المجلس أم لا.

قرار تعيين السيدات في مجلس الشورى نص على الالتزام بالضوابط الشرعية، والاستقلال عن الرجال، مع توفير بوابات دخول خاصة للنساء، وهذا كلام جميل وله ما يبرره "خصوصاً" في مجتمعنا، وإن كانت إحدى العضوات قد خالفت ذلك قبل مرور 48 ساعة على القرار، حيث ظهرت على الشاشة مع "داود" ولم يفصل بين "خشمها وخشمه" سوى سنتيمترات بعد أن دخلت معه من باب واحد، وبالطبع لا تعد تلك مخالفة فقد نص القرار على الالتزام بذلك تحت قبة المجلس أما خارجه فلا حرج!!!.

وبنظرة سريعة على أسماء "كواعب" الشورى يتضح أن تلك الشروط كان من الممكن تجاوزها و "بنص قرآني كريم" فالكثير من العضوات قد تخطت مرحلة "القواعد" إلى مرحلة "التاريخ"، ولم يعد هناك فرق بين أن تدخل إحداهن المجلس من الباب أو حتى من الشباك، ويبدو أن إلزامهن بارتداء الحجاب كان سببه أن نعرف أن من تحت ذلك الحجاب "أنثى".

المعضلات التي ستواجه رئيس المجلس اليوم متعددة، ومنها على سبيل المثال تحقيق العدالة بين الأعضاء، فمعيار مثل "The Ladies First"لا يصلح لنا البتة ولن يقبله أحد من الأعضاء الرجال، على اعتبار أننا لم نسمح لنسائنا بالركوب في المقعد الأمامي إلا مؤخراً، أما معيار "للذكر مثل حظ الأنثيين" فيمكن تطبيقه بجعل الوقت المخصص لحديث الرجل ضعف الوقت المخصص للمرأة، أو أن يسمح لامرأة واحدة بالتحدث مقابل كل رجلين، وهنا سنقع في معضلة أخرى حيث تستطيع المرأة أن تتحدث في دقائق بأكثر مما يمكن أن يقوله الرجل في ساعة، لذا فإن أفضل حل أمام الرئيس الأخذ بمبدأ "سد الذرائع" والعمل بمقولة "شاوروهن وخالفوهن".

أنا لست مع أو ضد دخول المرأة لمجلس الشورى، ولكنني أدعو إلى معاملة المرأة في مجتمعنا بمقياس واحد، أما أن نقبلها في السماء ونرفضها في الأرض "ونشاورها" في المجلس و"نطنشها" في غيره، فهذا ما لا يمكن "هضمه"، والسؤال المهم قبل هذا وذاك والذي لم أجد من يجيبني عليه: هل"نخاف على المرأة" أم "نخاف منها"؟!

alamri.sabq@gmail.com



http://sabq.org/Hc1aCd