من أبسط أبجديات العمل معرفة الأولويات، ومن أهم خطوات النجاح في أي عمل معرفة هذه الأولويات وترتيبها، الأهم فالمهم، ثم الأقل أهمية.. وهكذا.
ولكن عندما تختلط الأمور، وتضيع الأولويات، نبدأ بالتخبطات، ونجني ثمرة ذلك السير في الاتجاه المعاكس للنجاح والبُعد عنه. وعندما يحدث ذلك نجد أن هذه المؤسسة أو هذه الوزارة قد بدأت في الانحدار، وبدأت بالتخبطات في اتخاذ القرارات، والنتيجة الحتمية لذلك أنها ستصبح فريسة سهلة، تنهشها أنياب الفشل من كل اتجاه، وتصبح مرتعاً خصباً للتقهقر والبُعد عن التقدم والرقي والتطور، بل تصبح أسيرة للقرارات الارتجالية، التي من أهم سماتها أنها تُتَّخذ بعيداً عن الروية والتأمل والتدبر لما قد تسفر عنه هذه القرارات، ومن أهم سلبياتها أنها تقود هذه المنشأة إلى مدارك الفشل.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه إلى التخبُّط في التعامل مع الموارد المالية لهذه المنشأة؛ فتُصرَف بعيداً عن الأولويات، وتذهب للقشور بدلاً من أن تُصرف على الجوهر.
ولو تأملنا قليلاً لوجدنا أن هذا ما يحدث في كثير من مؤسساتنا الحكومية؛ فالصرف على الشكليات وتقديمها على الجوهر الذي من شأنه تطوير هذه المؤسسة، والمساهمة في رقيها وتطورها وازدهارها.
وما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من قرار لتغيير شعار وزارة التربية والتعليم ما هو إلا من هذا القبيل؛ فحسب ما قرأنا فإن تكاليف هذا الأمر تصل إلى 41 مليون ريال..!!!
وهذا ما يُثير حزمة من الأسئلة الملحَّة، التي تتزاحم في رأس أي غيور على هذا البلد، ولا يملك حيال ذلك إلا أن يطلق العنان لفكره متسائلاً: ما السبب الذي يكمن وراء هذا التغيير؟!!
وما الفائدة التي سيجنيها التعليم من هذا التغيير؟!!
كيف تُصرف كل هذه الملايين على تغيير شعار؟!! وفي المقابل هناك مدارس مستأجَرة.
أليس من الأولى أن تُصرف في بناء المدارس؟
هل تغيير شعار الوزارة سيغيِّر من حقيقة واقعها الذي جعلها "علكاً" في أفواه الآخرين؟!
ما عيوب الشعار القديم حتى يكلفنا تغييره كل هذه الملايين؟!!!
رسالة.. لمن اتخذ القرار..
العبرة في "المَخْبر" وليست في "المنظر"، والتطوير ليس في تغيير "شعار" أو تغيير جدران، وإنما في تغيير العقول.
ومضة..
أليست العقول أولى بالتغيير من "الشعار"؟!!
http://sabq.org/vZ0aCd