مناشدات المرضى!

لا يكاد يمر يومٌ تخلو فيه الصحف أو المواقع الإلكترونية من مناشدة مريض أو ذويه طلب الإخلاء الطبي أو العلاج أو دفع كلفته.. وغالباً ما يتفضل أهل الفضل بإنهاء معاناة ذلك المريض أو أسرته، إما بالجاه أو بالمال، ووزارة الصحة – غالباً - لا تفعل شيئاً في مثل هذه الحالة، حتى وإن كان من باب الإحسان، وكأن الأمر لا يعنيها!
تلك المناشدات شاهدٌ على تدني مستوى الخدمات الصحية لدينا، رغم الموازنات الضخمة التي "تُضفَّر" بها وزارة الصحة في كل عام، والتي لم نر لها أثراً ماثلاً على أرض الواقع يتناسب معها؛ فالمستشفيات والمراكز الصحية في معظم مدن السعودية وقراها، خاصة النائية منها، تعجز عن تقديم أدنى الخدمات الصحية للمرضى، والإجراء المتبع في معظم الحالات هو الإخلاء الطبي، أو التحويل إلى مستشفى آخر، وإن لم يتأتَّ ذلك بسبب رفض المستشفى المحال إليه المريض يقوم الأطباء بدافع الأمانة المهنية بنصح المريض أو ذويه بنقله إلى مستشفى تتوافر فيه رعاية طبية أفضل بأي وسيلة كانت؛ ما يزيد العبء على المستشفيات في المدن الرئيسية التي ليست هي الأخرى بحالٍ أفضل، ويدفعها إلى ترشيد فتح السجلات الطبية واستقبال الحالات بمسوغاتٍ تزيد المريض مرضاً!
يردِّد بعض المسؤولين أن المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في أنحاء السعودية مزوَّدة تقنياً وبشرياً بما يكفل تقديم الرعاية الصحية اللازمة، إلا أن بعض المرضى أو ذويهم يفضلون العلاج في مستشفيات المدن الرئيسية من باب الرفاهية! وهذا كلام لا يقبله عقلٌ سليم ولا ضمير حي؛ لأننا نرى بأعيننا واقع تلك المستشفيات والمراكز الصحية، ولسنا بحاجة لمن يخبرنا عنها، ولو كانت كما يردد أولئك لما بحث المريض أو ذووه عن مستشفى آخر؛ لأنهم ليسوا في حال بحثٍ عن رفاهية أو خدمات متميزة، كما أن مجرد الاطلاع على تقارير وبيانات الجهات الرقابية كهيئة مكافحة الفساد كافٍ لدحض هذا الادعاء الذي لا أرى مسوغاً له إلا التنصل من المسؤولية!
أقترح على مسؤولي الصحة إذا ما أرادوا كتابة تقرير عن أداء الوزارة أو بيان صحفي أن يستبدلوا الجملة الشهيرة "الوزارة تبذل جهوداً" بجملة "الوزارة تبذل وعوداً"؛ لأننا في الحقيقة لم نرَ إلا وعوداً لم تدخل حتى حيز الجهود، ومع ذلك سنظل نأمل وننتظر ما تسفر عنه تلك الوعود؛ فالأوامر الملكية التي صدرت مؤخراً، خاصة تلك التي قضت بإنشاء مدن طبية ومراكز متقدمة في مختلف مناطق السعودية، تبشر بمستوى أفضل للصحة العامة، ونرجو ألا يطول الانتظار!




http://sabq.org/zg1aCd