كم هي جميلة تلك الأيام التي كنا فيها ننتظر الغد بشغف؛ لنلتهم وجبتنا اليومية من الأخبار والتحليلات والمقالات الرياضية، التي كانت تتسم بالهدوء والموضوعية، رغم أنها تكتب بألوان الانتماءات المختلفة!
لغة الإعلام الرياضي المتعقلة، التي توازن بين الرأي والروح الخليقة، أو ما يعرف في أدبيات الرياضة بـ"الروح الرياضية"، لم تعد هي السائدة كما كانت، بل ظهرت لغة أخرى، تعمي البصائر، وتصم الآذان، وتنتهك مبادئ أهم وأعم من مبادئ الرياضة.
كان طرح الإعلامي الرياضي هو الموجِّه للجماهير، أما اليوم فأصبح الصوت الطاغي من أصوات الجماهير هو الموجِّه لمعظم الإعلاميين الرياضيين إلا فيما ندر؛ فعندما يكون ذلك الصوت متعقلاً يتعقلون، وإذا كان متعصباً يتعصبون، بل إن السوء وصل إلى درجة أن بعض الإعلاميين جعل من نفسه جندياً، يأتمر بأوامر رئيس الفريق الذي يشجعه، أو أي مسؤول فيه، وليس بما تمليه عليه الموضوعية التي هي أساس مهنة الإعلام؛ لذا فقد أصبحنا نعول على أصوات الجماهير أكثر من خطاب الإعلام الرياضي، الذي يُفترض أن يكون مؤسَّساً من الناحية المعرفية ومنضبطاً من الناحية الأخلاقية.
ليت الإشكال يقف عند هذا الحد، بل إن القاعدة في الإعلام الرياضي أصبحت – للأسف –: "اشتم واربح"؛ ويلاحظ تسابق محموم على استخدام الشتائم بين بعض الإعلاميين. والمؤسف أكثر أن بعد كل معركة شتم يجد الشاتم نفسه محمولاً على أكتاف المتعصبين، ويزيد ارتفاعاً بقدر قوة شتيمته وتأثيرها على خصمه!!
أفهم جيداً أن التنافس في مجال كرة القدم لا ينحصر في المستطيل الأخضر، بل يمتد إلى تنافس اقتصادي وثقافي، فكما هي سجال بالأقدام هي سجال بالأقلام أيضاً، ولكن ينبغي ألا يتحول هذا التنافس إلى خصومة، فكيف بالفجور فيها؟!
نقطة نظام:
يُقال إن أستاذ جامعة متخصصاً في الرياضة يعاقِب الطالب بمجرد قوله: الفريق الخصم أو اللاعب الخصم!
http://sabq.org/Da1aCd