صحتنا في خطر!!

أكثر شعوب العالم لا يمكن أن تتنازل عن حقها في الحفاظ على صحة الفرد والأسرة والمجتمع، إلا نحن؛ فإننا نهمل هذا الجانب عن طيبة زائدة أو سذاجة "سمِّها ما شئت"؛ حيث إننا عندما يصل كثير من الأشياء المستوردة الضارة إلى أيدينا لا نجد من يعترض على وجودها.

والمشكلة أن هناك جهات مختصة في الجودة والنوعية وحماية المستهلك، لكنها تغض الطرف عن كثير مما يرد إلينا عبر المنافذ الشرعية؛ فلا تصل تلك المنتجات عن طريق التهريب بل تجيء بطرق سليمة وصحيحة مائة في المائة! لقد أصبحت بيوتنا تختزن مواد مسرطنة، وأخرى تسبب الحساسية والأمراض الجلدية، ونحن نتسابق على شرائها لانخفاض أسعارها.

ولا أود الحديث بالتفصيل عن تلك الأجهزة والملابس والأواني وغيرها حتى لا أتسبب في التأثير النفسي على المستهلك المسكين، الذي انجرف خلف الأشياء الرخيصة في الثمن لتأمين مستلزماته المنزلية، دون أن يعرف أنها مسببة لكثير من الأمراض.

لقد حكا لي أحد التجار، ممن أثق به، قائلاً: سافرت مع أحد الزملاء إلى الصين للاتفاق مع بعض أصحاب المصانع الكهربائية والأواني المنزلية لتوريد ما يحتاج إليه السوق لدينا، وكنت مختصاً في الأجهزة الكهربائية، وزميلي في الأواني المنزلية، فاتجه هو لمصانع الأواني، وذهبت أنا لمحال الكهرباء، وعندما التقيت بالمصنعين كان أول سؤال يُطرح علي "من أي بلد أنت"؟ فقلت لهم "من السعودية"، وكنت قد مررت على العينات المعروضة في المعارض الخاصة بهم، وهالني ما رأيته من جودة المنتج، لكنهم بعد معرفتهم لجنسيتي أبلغوني بأن أهل الخليج لهم بضاعة خاصة، ونقلوني إلى مكان آخر فيه منتجات أقل جودة، فسألت أحد الأشخاص عن سر تخصيص تلك البضاعة للخليج فقال: هذه البضاعة الرائجة التي تنتشر في بلادكم، أما ذات الجودة العالية فإنه يتم تصديرها إلى أمريكا والدول الأوروبية. وبعد أن تعرفت على عروضهم عدت إلى الفندق، فوجدت زميلي يكاد يتفجر من الغضب، وسألته عن السبب فأخبرني بأنهم طرحوا عليه البضاعة التي يتم تصديرها لدول الخليج مدعين أن أسعار الصنف الثاني فوق طاقة المستهلك الخليجي، ولا تجد رواجاً لديه، فحدثته بما كان معي، فاتفقنا على العودة دون أن نعقد أية صفقات؛ لأننا رأينا أن ذلك خيانة للأمانة وإضرار بالوطن، لكن - مع الأسف - شاهدنا تلك البضاعة منتشرة انتشاراً واسعاً في كل أجزاء الوطن، وتلقى إقبالاً كبيراً من المواطنين.

إنها مشكلة كبيرة أن تبقى الدول العربية مقراً للتجارب، سواء الأسلحة بمختلف أنواعها مثلما يحدث في سوريا حالياً، وللرديء من الصناعات المختلفة، التي تؤدي إلى أمراض عدة وخطيرة، حتى أن ألعاب الأطفال لم تسلم هي الأخرى من التصنيع الرديء؛ ففي كل يوم نجد التحذيرات من أن لعبة ما في الأسواق تسبب أمراضاً مختلفة لدى الأطفال، أقلها الأمراض الجلدية، وأعلاها السرطان والعياذ بالله.
بعد هذا كله ألا تكون صحتنا في خطر؟!



http://sabq.org/vc1aCd