لم نستغرب ثمن الفستان في هذا العنوان بقدر استغرابنا من مكونات الفستان؛ فقد تفتق التفكير العميق لإحدى المصممات؛ فأتت بشيء جديد لم يسبقها إليه أحد؛ إذ استخدمت في صنعه الورق بدلاً من القماش، ولم يكن الورق العادي بل ورق العملة فئة الخمسمائة ريال!
وللأسف، فقد مر علينا هذا الخبر الذي نشرته الصحف مرور الكرام؛ فلم يتطرق إليه أحد، لا من قريب ولا من بعيد، وكأن الجميع يصفق لصاحبة الاختراع الكبير، كيف لا وهي صاحبة الفكرة التي - كما قلت - لم يسبقها إليها أحد. إنها مأساة أن يتم رفس النعمة، وخوفي أن نُبتلى بمثل ما ابتُلي به غيرنا عندما لم يشكروا النعمة. يُقال إن شعب أحد البلاد العربية كان يلعب بالفاكهة، خاصة التفاح، بدلاً من الكرة في الشوارع؛ فابتلاهم الله بالحروب وبالخوف وعدم الاستقرار حتى يومنا هذا، رغم مرور عقود على ذلك. لقد أصبحت أوراق العملة من فئة المائة والخمسمائة ريال تُستخدم للزينة في الكوشة، وتوضع في السلال وغيرها؛ لإشعار المعازيم بالثراء الذي تعيشه أُسر العريس والعروسة!
إننا في حاجة إلى أن يقول عقلاؤنا "لا" لمثل هذه الظاهرة الخارجة عن عاداتنا وتقاليدنا، وفي حاجة أيضاً إلى حماية هذا الوطن من الابتلاء، فكما نعلم أن الشر إذا أتى - والعياذ بالله - فإنه يعمّ.
وخوفي من أن يأتي يوم تُفرش فيه الممرات في الأقسام النسائية في قصور الأفراح بالعملة الورقية، فالنساء أصبحت غيرتهن في الملابس والمظاهر البراقة، وتركن الأهم من ذلك كله، وهو الخوف من الله ومن عقوبته.
وقد حذرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا؛ فعن عمرو بن عوف أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال للأنصار لما جاءه مال من البحرين: "أبشروا وأملوا ما يسركم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم".
وكان آخر خطبة خطبها على المنبر حذر فيها من زهرة الدنيا؛ فعن عقبة بن عامر أن النبي - صلي الله عليه وسلم - صعد المنبر، فقال: "إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدى، ولكنى أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم". قال عقبة: فكان آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر.
إننا في حاجة إلى التوعية بهذا السلوك الخارج عن ديننا وعن عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية من علمائنا وكتّابنا ووسائل الإعلام المختلفة.
http://sabq.org/li1aCd