تعجبت ممن حلَّل الحياة في ثلاثة متغيرات "المال والطاقة والوقت"؛ فأول حياتنا لدينا الطاقة، والوقت، ونبحث عن المال، ثم بالطاقة يتجمع لدينا المال ونفقد الوقت، حتى تنهكنا الحياة! فنمتلك المال، ويتوافر لدينا الوقت، لكن مع الأسف تنخفض الطاقة؛ فتنعدم قدرتنا على استثمار المال مع فراغ وقتنا واتساعه؛ لأننا نلجأ أغلب الوقت للتقوقع حول ذواتنا، والابتعاد عن الإزعاج ممن حولنا!..
هي سُنّة الحياة؛ فالإنسان خُلق في كبد، كما قال الله تعالى في سورة البلد (لقد خلقنا الإنسان في كبد)، وكما فسَّرها مجاهد بـ"شدة وطلب معيشة ومشقة"، ويزداد الألم ألماً عندما نضطر إلى أن نعيش! لا أن نعيش لنعيش؛ فتجدنا في مؤخرة الركب، نسير بخطى المأزوم، نخرج من مشكلة لنقع فيما بعدها؛ لأن الأزمات تسيِّرنا لا الفرص.
والدتي - حفظها الله - قالت لي ذات مرة "كل مر، واشرب مر، ولا تعاشر مر"، في وصف عميق لمسيرة الحياة؛ فكم من فقير ذاق مرارة الحياة وابتسامته لا تفارقه، وكم من مريض يسعد بزيارته وعيادته، وكم من مظلوم يتبدد ظلمه عندما يشاركه أحبابه أحزانه؛ فالمال والوقت والطاقة لا تلتقي إلا على طاولة المعشر الجميل، والصحبة الذكية، وبيئات العمل الصحية.
همسة واقع..
اصنع من مقادير السعادة طبق الوفاء، وشارك مَنْ حولك الجمال، واسعَ إلى أن تستمتع بالألم بأن تتذوقه في حينه، لا أن تخشاه قبل وقوعه في الحياة، ووازن بين همومك وهمك، وطموحك وهمتك، وشارك أحبتك الحياة، فهناك من نحدثهم عن الألم! فيحدثوننا عن الأمل!! هؤلاء من نحتاج إلى قربهم.. طابت أيامكم بالمسرات..
http://sabq.org/Na1aCd